الأحد، 3 نوفمبر 2013

عن التمرّد والثورة في الفن الكوبي





جيفارا مات؟ مقدّمة المترجم

في كتابه "قلق في الحضارة" (1930)، يتساءل فرويد: "فلئن كان ارتقاء الحضارة ينطوي على تشابهات كثيرة مع ارتقاء الفرد، ولئن كان كلا الارتقاءان يعتمدان وسائل عمل متماثلة، أفلن يكون من المباح لنا إصدار التشخيص التاليألم تصبح معظم الحضارات أو الحقب الثقافيّة بل ربما الإنسانيّة بأكملها 'معصوبة' [neurotic، أي مصابة بالاضطراب العصبيّبتأثير جهود الحضارة بالذات؟" بعبارة أخرىمثلما تمارس الأنا العليا (superego)، كذات مثاليّة داخل بنية الفرد النفسيّة، تمارس سلطتها المحاسبة والمعاقبة كرقيب نفسيّ على الفرد، هل بإمكاننا القول أن الطموحات السياسيّة والاجتماعيّة تشكّل بدورها سلطة طاغية على المجتمع الذي يفرزها، وهذا في كل ما تقوم به من نقد، وتوجيه، وثواب، وعقاب إذا تعثّر المجتمع في الوصول إليها؟

ابتكرت طموحات الثورة الكوبيّة العام 1959 ذاتًا متخيّلة جديدة، "الإنسان الجديد"، والذي هو الإنسان الكوبيّ الثوريّ الذي يحمل رموز الثورة ويمارس قِيمها كجزء فعّال من شعب يسعى نحو الحريّة وبناء الإشتراكيّة بقيادة الحزب الشيوعيّ وتحت وطأة الحصار الاقتصادي الظالم الذي تفرضه الولايات المتحدة الأميركيّةهذا "الإنسان الجديد"، بحسب إرنستو جيفارا، الذي صاغ هذا المصطلح في سياق الثورة الكوبيّة، ليس نتاج أيامنا هذه، بل هو إنسان المستقبل المثاليّ؛ هو الهدف بعينه ونهاية مطاف العمليّة الثوريّة الزاحفة نحو المستقبل، إذ أننا "ندفع كلّنا، بإنتظام، حصتنا من التضحيات، واعين أننا سنجد مكافأتنا في القيام بالواجب وفي التقدم معًا نحو الإنسان الجديد الذي يلوح في الأفق".

ولكن، في التسعينيّات، "تمثّل أمام أعين الشعب الكوبيّ انهيار هذه المدينة الفاضلة الممثّلة في الخطاب السياسي والفني مع انهيار ما كان يُعرف بالمعسكر الاشتراكي في أوروبا الشرقيّة"، وقد شكّل الأخير نموذجًا للحزب الشيوعيّ الكوبيّ في سعيه نحو بناء الاشتراكيّةماذا كان لهذا الانهيار من تداعيات على التعابير الفنيّة في كوبا، الموسيقيّة منها على وجه الخصوص؟ مع موت "الإنسان الجديد"، تلك "الذات الثوريّة المهيمنة [...]، التي أخذت تحدّد المعايير والثوابت التي بموجبها تُصنع الإبداعات الفنية"، تقول الكاتبة الكوبيّة أماريليس بيريز فيرا، قد وصلت عمليّة إفراغ رموز الثورة والدولة الكوبيّة والشيوعيّة الدوليّة من مضمونها ذروتهافي هذه المقالة، تقدّم الزميلة أماريليس بعض النماذج الموسيقيّة التي تحاول من خلالها ليس فقط سدّ هذا الفراغ، إنما أيضًا تقديم المجتمع الكوبيّ بكافة أطيافه وألوانه ورؤاه المختلفة.


المقالة المترجمة على صفحة معازف: